المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية

هو أكبر مؤسسة رسمية  إسلامية في فرنسا. ويتكون هذا المجلس من المنظمات و الجمعيات الاسلامية  والمساجد المعترَف بها قانونيا في فرنسا … ومن بين هذه الجمعيات اتحاد المنظمات الاسلامية  uoif  المحسوب على تيار الإخوان المسلمين  ، والاتحادية الفرنسية للجمعيات الاسلامية الافريقية ، المحسوبة على المسلمين الأفارقة، ومسجد باريس الممول من طرف الجزائر،  وتجمُّع مسلمي فرنسا  rmf المدعوم من المغرب ، وجمعيات تركية محسوبة على الإسلام التركي، إضافة إلى جمعيات إسلامية من جزر المحيط الهندي التابعة لوزارة ما وراء البحار الفرنسية مثل جزيرة مايوت Mayotte  ذات الأغلبية المسلمة.

وحسب القانون الفرنسي، فإن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية  (CFCM) هو جمعية تخضع لترتيبات القانون 1901 المسيّر للعمل الجمعوي في فرنسا، و يعمل هذا المجلس تحت إمرة ورقابة ورعاية وزارة الداخلية الفرنسية. ولعل هذه الإمرة هي التي جعلت منه مؤسسة غير مستقلة، وعاجزة تماما عن تمثيل المسلمين بشكل جاد، وعن تسيير شؤون الإسلام الفرنسي و سد حاجيات المسلمين الدينية المتزايدة في هذه البلاد.

دور مجلس CFCM  ومهماته

يتمثل الدور الأساسي للمجلس الفرنسي للدين الإسلامي  في كونه المتكلم الرسمي باسم المسلمين لدى السلطات الفرنسية. وسوف نرى في ما يأتي أن هذا المجلس ، لا يتكلم أبدا باسم المسلمين، بل فُرِض عليهم فرضا،  وأن غالبيتهم لا يعترفون به أصلا لأسباب سنوضحها فيما بعد.

 يضطلع مجلس CFCM  بتسيير شؤون الإسلام العامة بالتعاون مع السلطة الفرنسية ، خاصة فيما يتعلق بإدارة المساجد ، وقاعات الصلاة ، وبتكوين أئمة ذوي توجه علماني ليبرالي. ويقوم المجلس بمساعدة الجنود المسلمين المنخرطين في الجيش على ممارسة الدين بطريقة لا تؤدي إلى الانفلات الفكري ويحافظ على تماسك الجيش الفرنسي.

ويهتم المجلس – نظريا –  بتسيير المقابر المسلمة ومساعدة المسلمين في دفن موتاهم في مقابر خاصة بهم. لكنه يصطدم  بصعوبات جمة في هذا المجال نظرا لتصلّب عُمَد البلديات المتحكمين في تسيير المقابر البلدية والذين غالبا ما يرفضون إعطاء مساحات خاصة لدفن موتى المسلمين.

  كما يُسيّر المجلس كل ما يتعلق بتجارة المواد الغذائية الحلال، ويرعى المسالخ التي تَذبح الحيوان على الطريقة الإسلامية ويفرض عليها إتاوة على كل كيلوغرام من اللحم، ويحصل بذلك على أموال طائلة من جيوب التجار المسلمين وغير المسلمين، وهذه الأموال تُستخدم  – كما يقول القائمون على المجلس – في  تسييره ودفع أجور موظفيه.

 وللمجلس دور كبير في  اكتتاب بعض المحسنينAumôniers  لتعليم السجناء المسلمين في السجون الفرنسية، ولمساعدة المرضى في المستشفيات ، وتلقين الموتى عند الإحتضار… وهؤلاء المكتتَبون لا يحصلون عادة على أي أجر أو راتب وإنما يقومون بهذا العمل تطوعا ، ولا يدفع لهم المجلس درهما واحدا. وقد التقيت بالعديد منهم وخاصة برجل تونسي اسمه “محمد الوسلاتي” ، وهو مسؤول عن زيارة سجناء المسلمين في منطقة الغرب الفرنسي كلها، وذكر لي أنه منذ سنوات عديدة يقوم بهذا العمل تطوعا لله ولا يحصل على أي راتب، لا من الدولة، و لا من مجلس CFCM.

ويقوم المجلس أيضا بمحاولة تنظيم الأوقات الدينية والمواسم الكبرى .. مثل بداية ونهاية شهر رمضان،  ولقد أخفق إخفاقا فاضحا في هذه المهمة ، بل كان فاعلا أساسيا –  هو ومسجد باريس – في تشتيت كلمة المسلمين عند بداية كل رمضان.

ولا يشهد المسلمون لأعضاء مجلس الـCFCM بالبحث الجدي عن هلال رمضان.. بل يجتمع أصحابه – كل سنة – عشية يوم الشك (اليوم الذي يسبق بداية رمضان)، في مسجد باريس ويجلسون على الأرائك ويحتسون القهوة ويشاهدون قناة السعودية، وينتظرون إعلان هيأة الفتوى بالمملكة عن بداية الشهر الكريم. حينها، يخرجون للإعلام، ويعلنون عن بداية شهر رمضان. أما تحري الهلال كما اقتضت سنة خير المرسلين، والبحث عنه في جو السماء فهذا لم يقم به أبدا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. رغم أنه دافع بشدة عن ضرورة رؤية الهلال التقليدية بالعين المجردة – لكنه لم يطبقها في أي شهر من شهور الإسلام.  وعارض بقوة حل الحساب الفلكي الذي من شأنه أن يسهل على المسلمين في هذه البلاد ممارسة شعائر دينهم.

وبالجملة، فقد مُنِي هذا المجلس بفشل ذريع في تحقيق مهماته المنوطة به، ولم يستطع أعضاؤه – من جمعيات ومساجد ومنظمات إسلامية –  الاتفاق فيما بينهم على الطريقة المثلى لتسيير عمله والدفاع عن مصالح المسلمين ، وتوحيد كلمتهم؛ وكان السبب الرئيس لهذا الفشل هو ذلك الصراع المحتدم والتنافس السخيف بين  أعضاءه وخصوصا بين  المغاربة والجزائريين ؛ وذالك بحكم الصراع الجيو-سياسي التاريخي  بين هذين البلدين…

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *