قانون حظر النقاب

قانون حظر النقاب (البرقع)

 

في سنة 2010 م، وبعد سبع سنوات من قانون حظر الرموز الدينية في المدارس العمومية (أي قانون حظر الحجاب الإسلامي) ، صدر قانون آخر ليس أقل خطورة من سابقه، وهو قانون حظر النقاب أو البرقع ، أي تغطية الوجه بكامله. وهو قانون يستهدف مرة أخرى طائفة المسلمين، لأنه لا توجد أي طائفة دينية في فرنسا يلبس أصحابها النقاب.

 

الظروف الإجتماعية والسياسية لتشريع القانون

 

لم يخرج قانون منع النقاب إلى النور إلا بعد سلسلة طويلة وغريبة من التحضيرات النفسية والإعلامية للشعب.

تمثلت هذه التحضيرات في هجمات إعلامية متكررة على القيم الإسلامية … وفي تخويف الرأي العام من النساء اللواتي يلبسن النقاب… ونتيجة لذلك، أظهرت عدة استطلاعات صحفية قامت بها عدة جرائد مثل جريدة لوفيجارو وغيرها ، استعداد الفرنسيين لقبول قانون يمنع وضْع النقاب على الوجه.

 

تحضير القانون، حيثياته

 

عُرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ في الرابع عشر سبتمبر 2010، بمناسبة مرور تسع سنوات وثلاثة أيام على أحداث تفجيرات نيويورك في سبتمبر 2001.

ويقول المفكرون والفقهاء الذين ساهموا في صياغة هذا القانون أنه يعتبر من أغرب القوانين التي صدرت في الجمهورية الفرنسية، كونه (أي قانون حظر النقاب) لا يعتمد على مبدإ احترام العلمانية، ولا على حماية حقوق الإنسان، والحريات العامة، وإنما يعتمد على كونه يأتي لمحاربة ظاهرة شائعة – حسب هؤلاء المفكرين-  عند مسلمي فرنسا هي ” رفض الآخر،  ورفض التعايش الجماعي” . وبالتالي عللوا إصدار هذا القانون بأنه يهدف إلى ” الوقاية من الإخلال بالأمن العام”. ونظرا لكون قانون حظر النقاب مخالفا لمبادئ الحريات العامة فقد رفضه مجلس الدولة، Conseil d’Etat، الذي هو أكبر مؤسسة قانونية إدارية في البلاد، في حين قبل به المجلس الدستوري، Le conseil constitutionnel، في يوم السابع أكتوبر 2010 بقرار تحت رقم 2010-613-DC، ويُعتبر قبول المجلس الدستوري مرحلة حاسمة في إمرار أي قانون. ورأيُ هذا المجلس ينسخ أي قرار يصدر من مجلس الدولة.

 

ما جاء في نصوص قانون حظر النقاب

 

يحتوي هذا القانون على سبع مواد. المادة الاولى تؤسس للمبدأ العام للقانون المذكور فتقول أنه ( لا يجوز لأي أحد أن يلبس في الفضاء العام لباسا يخفي فيه جميع ملامح وجهه[1]) .

وقد اعتبر بعض القانونيين أن عبارة ” الفضاء العام” Espace public الواردة في نص المادة الأولى من القانون المذكور هي عبارة جديدة لم يسبق أن تكلم عنها القانون الفرنسي. ولذلك جاءت المادة الثانية من القانون لتقدّم تعريفا صريحا لعبارة ” الفضاء العام” ، فتقول المادة الثانية أن ( الفضاء العام هو الطرق العامة، وكذا الأماكن المفتوحة للناس، أو المخصصة للخدمات العمومية[2])

وتنص المادة الثانية على حالة استثنائية تتعلق بالمادة الأولى وهي أن ( الحظر المنصوص عليه في المادة الاولى لا ينطبق على الألبسة المرخصة في حالات قانونية منظمة، ولا على الألبسة المهنية التي يلبسها بعض أصحاب المهن، ولا على الأقنعة التي تستعمل في الأعياد أو المناسبات الرياضية[3])

وهذه الفقرة كافية للبرهان على أن هناك نوعية واحدة من الناس مستهدفة من هذا القانون هم النساء المسلمات المنتقبات.

أما المادة الثالثة فتنص على أن ( جهل حظر القانون المنصوص عليه في المادة الأولى يعاقَب عليه بغرامة من الدرجة الثالثة “150 يورو”. ويرافق هذه الغرامة إجبار المرأة المخالفة للقانون على إجراء تدريب على المواطنة[4])

أما باقي المواد فقد تكلمت عن طرق التنفيذ.

وبعد اختتام تداول مشروع القانون بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، ومصادقة الحكومة عليه، وقّع رئيس الجمهورية نيكولا ساركوزي على القانون، وأُدرج في خانة قانون العقوبات الجنائية، وتم نشره في الجريدة الرسمية . ثم بدأ العمل في تنفيذه يوم 11 إبريل 2011. ووافق هذا التاريخ مرور سبع سنوات وشهر واحد على تفجيرات مترو مدريد التي حصلت يوم 11 مارس 2004 والتي تبناها تنظيم القاعدة.

 

 نتائج تطبيق قانون حظر النقاب

 

بعد سريان العمل بالقانون المذكور ، حصلتْ عدة مخالفات من بعض النساء المسلمات، وغرّمتهن السلطات بمبالغ تصل إلى مائة وخمسين يورو للمرأة الواحدة حسب ما نص عليه القانون، وبعضهن أُجبرت على  إجراء تدريب على قواعد المواطنة.

وقد ذكرت وزارة الداخلية في إحصاء لها  أنه تم تغريم 332 امرأة متنقبة لسنة 2012، و 383 متنقبة لسنة 2013، و397 لسنة 2014، و200 غرامة للأشهر الستة الأولى من سنة 2015 م [5].

 

 

هوامش

[1] من موقع لوجيفرانس التابع للدولة الفرنسية، على الرابط

https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000022911670

(تم استشارة الرابط بتاريخ 28/08/2016)

[2]  نفس المصدر السابق

[3] نفس المصدر السابق

[4] نفس المصدر السابق

[5] عن صحيفة لوموند في مقال بعنوان On a créé le monstre qu’on voulait éviter (لقد خلقنا الوحش الذي كنا نريد تحاشيه) ، بتاريخ 10 اكتوبر 2015،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *