مجلس الـCFCM ، الحلقة الأخيرة.

قصة مجلس CFCM و السياسي “جان فرانسوا كوبي”

وهذه قصة أخرى من فيض القصص والفضائح التي طبعت تاريخ مجلس الـCFCM . وتُجسد هذه القصة تواني المجلس وتراخيه في الدفاع عن حمى الإسلام، وعن كرامة المسلمين وحمايتهم من الهجومات المتكررة التي يعتادون التعرض لها من طرف رجال السياسة الفرنسيين الباحثين عن أصوات اليمين المتطرف.

ويعود أصل القصة أن  السياسي الشهير جان فرانسوا كوبي Jean François Copé  ( وهو سياسي متنفذ، أصله من يهود الجزائر) ، قال في مهرجان انتخابي له أن ” بعض صغار المسلمين غير المهذبين ينتزعون من الاطفال الفرنسيين خبزهم بالشوكولاتة بحجة أن في رمضان لا يجوز الأكل عند المسلمين”  ومرت الجملة دون أن يلقي لها أحد أي انتباه، فأعاد السياسي ” كوبي”  نفس الجملة على صفحته في تويتر، ليشعل نار الجدل حول الأجانب المسلمين… عندها أخذت الجملة منحى سياسيا وانتخابيا وإعلاميا كبيرا …

امتعض المسلمون من الترويج الإعلامي للعبارة التي أطلقها ” كوبي” ، وشعر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بالحرج إن لم يقم بفعل أي شيئ، فقرر تقديم شكوى للعدالة ضد ” كوبي”  تحت تهمة  ” دعوة للعنصرية وإثارة النعرات والتمييز بين شرائح المجتمع الفرنسي”.

وبعد أن بدأت العدالة في التحقيق في الموضوع وخاف جان فرانسوا كوبي على مصيره الإنتخابي  ، طلب استدعاءه من طرف  CFCM  لشرح كلامه وقبِل هذا الأخير لقاءه .

بعيد اللقاء بقليل، تراجع المجلس الفرنسي للديانة الأسلامية عن الشكوى في الثامن يناير 2012 وتصالح مع “كوبي” بدون أن يقدم هذا الاخير أي اعتذار للمسلمين من كلامه المسيئ إليهم. بل أوغل في عنجهيته واستكباره تجاه المسلمين وصرح – يومين بعد ذلك –  لجريدة لوفيجارو ، في عددها الصادر يوم 10 يناير 2012 ، قائلا :  ( أنا لم أقدم اعتذارا لأحد، لأن الاعتذار يعني اني ارتكبت خطأ [1] وأنا لم أرتكب أي خطأ)  وعند نشر هذا التصريح في الاعلام رجع مجلس الديانة عن قراره ،  وقرر مواصلة  شكواه في التاسع يناير 2012،  ثم عاد فنكص عن ذلك، وسحب الشكوى مرة ثانية…

فتأملْ تردد إداريي هذا المجلس وتخبطهم ، وارتجاليتهم في تسيير الأمور ولين جانبهم مع متطرفي السياسة الفرنسية.

ويعود تراجع مجلس الديانة عن الشكوى إلى ضغوط  قوية من حزب اليمين ذي الميول والتحالفات الصهيونية  مارسها على مجلس CFCM ؛  ولقد بين  هذا الأخير ضعفه الواضح في الدفاع عن رعاياه المسلمين،  وبرهن على غياب الإحساس بالمسؤولية لدى مسيّريه في تسييرهم لقضايا مسلمي فرنسا. ولو كان المجلس استمر في شكواه حتى النهاية لعوقب المدعو ” كوبي” أشد عقوبة ولكان عبرة لكل سياسي متهور يبحث عن أصوات الناخبين من خلال التهجم على كرامة المسلمين ومقدساتهم الدينية. لكن  التذبذب في القرارات والعشوائية في التسيير واللامسؤولية لدى إداريي هذا المجلس ، كل ذلك  للأسف أدى لضياع حقوق المسلمين ، وإلى جعلهم فريسة سهلة لكل من نفخ ونبح من كلاب الساسة والعلمانيين.

ولكي يتبين للقارئ الكريم مدى الفرق بين هذه المؤسسة التي تتكلم باسم المسلمين وبين بعض المؤسسات التي تمثل الأديان الأخرى،  فيكفي أن نعلم أن سحب شكوى مجلس CFCM  حصل  في نفس الوقت الذي قامت فيه  منظمة يهودية اسمها UEJF بتقديم شكوى للعدالة الفرنسية من الموقع الاجتماعي Twetter  بسبب أنه سمح بتسجيل حساب لشخص مجهول اسمه un bon juif  أي” يهودي طيّب” … ولقد ذهبت هذه المنظمة إلى أقصى حد في الدفاع المستميت عن جاليتها اليهودية وعدم التشهير بها والسخرية منها  بهذا الشكل الكاريكاتوري في المواقع الاجتماعية. واضطر موقع تويتر إلى سحب حساب هذا الشخص المجهول. . فـتأمل الفرق بين خمول وتواني ممثلينا وجُبْنهم ونكوصهم، وبين فاعلية  ممثلي اليهود وشجاعتهم وهمتهم واندفاعهم.

وعموما، فإن المسلمين هنا في فرنسا يُشتَمون يوميا ويُهانون بشكل منتظم ولا أحد يُكنّ لهم أي احترام ولا تقدير ،ومع ذلك  فإن مجلس  CFCM  عاجز كل العجز عن الدفاع عنهم وحفظ  كرامتهم. فحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

هامش:

 [1] صحيفة لوفيجارو، عدد إلكتروني بتاريخ 10/01/2013، مقال بعنوان Le cfcm maintient sa plainte Pain au chocolat :  (الخبز بالشكولاته : الـCFCM يواصل شكواه).

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *