مجلس الـCFCM ، ح4
ماذا حققه مجلس CFCM لصالح جاليات المسلمين؟
لا شك – أيها القارئ – أنك لاحظت أن هذا المجلس وُلد ميتا. ولم يقم بأي دور جادّ في تجميع كلمة المسلمين ولا حتى تمثيلهم بشكل يتوافق عليه الجميع… بل صرّح ذات يوم رئيسه السابق “دليل بوبكر” أن “المجلس لا يهدف إلى تمثيل المسلمين وإنما يقوم – فقط – بتنظيم شعائر الإسلام في فرنسا”. لكني أقول للمدعو دليل بوبكر أن ” مجلسه” لم يقم ولا بتنظيم أي شيء بل شتّت وفرّق وهدّم. ولا زال ضَرّه أقرب من نفعه إلى اليوم.
لقد اقتصر دور الـCFCM على نشر بيانات إعلامية باردة لشجب أعمالِ عنفٍ تشتعل من هنا وهناك في أنحاء فرنسا و يُتّهم غالبا فيها المسلمون ، أو استنكارِ اختطاف هذا الصحفي الفرنسي أو ذاك من طرف هذه الجماعة الاسلامية أو تلك في بلد ما … أو إدانة اعتداءٍ ما تعرض له شخص يهودي ضربه أحد العامة في الشارع… أما أن يُضرب مسلم أو تقتله الشرطة في هذه المدينة أو تلك فلن تسمع هذا المجلس ينبس ببنت شفة إلا في ما قل وندر…
وعلى العموم لم يقم هذا المجلس بأي دور إيجابي يُحسّن من واقع المسلمين البائس في فرنسا… بل على العكس، فقد استمر الصراع بين شتى طوائف المسلمين من كل البلدان فالمغاربة لا يطيقون اللقاء ولا التفاهم مع الجزائريين والأفارقة المسلمون لهم دينهم وطقوسهم ولا يريدون الإزعاج من أحد، والاتراك في معزل عن العرب و لا يختلطون معهم.. بل يتقززون منهم و من مسلكياتهم ونزاعاتهم القذرة والمسيئة لصورة الإسلام، وهكذا استمرت المنازعات والخلافات بين المسلمين، والمجلس واقف يتفرج….
و لن تقوم للمسلمين قائمة في هذه البلاد طالما لم يترفع مسؤولوهم عن المصالح القومية والشخصية الضيقة وينسوا خلافاتهم الهامشية، كي يركّزوا على نكبة الاسلام الحقيقية في هذا البلد، تلك النكبة التي تتجسد في الهجوم المستمر على هذا الدين وشيطنته، و التشهير بمعتنقيه في شتى وسائل الاعلام …
ونظرا لدور مجلس الـCFCM شبه المعدوم في الدفاع عن مصالح الجاليات المسلمة فقد سماه بعض الظرفاء بـ :
Le Conseil français du Coucous-Merguez أي المجلس الفرنسي للكسكس والمرقاز ، في إشارة ضمنية إلى الدور الشكلي والسطحي المخجل والتافه الذي يلعبه المجلس وسدنته في تمثيل المسلمين، وفي إشارة ضمنية أيضا إلى اشتهاره بدعوة الساسة الفرنسيين إلى حضور مسجد باريس لأكل وجبة الكسكس والمرقاز التي تشتهر بها منطقة المغرب العربي.
و يُنتقد علي هذا المجلس شدة موالاته لليمين الفرنسي الشهير بمواقفه العدائية تجاه دين الإسلام والعالم الإسلامي بشكل عام ، كما يلاحَظ عليه اضطلاعه بدور سياسي أكثر منه اجتماعي وديني.
اتهامات بالفساد وسوء التسيير في مجلس CFCM
وتتهم وسائط إسلامية متعددة مجلس CFCM بالضلوع في الفساد والرشوة وسوء التسيير والمحاباة والتمالؤ مع هيئات ومنظمات مناهضة للإسلام والمسلمين على التراب الفرنسي.
ومن أشهر قضايا الفساد التي اتّهِم فيها هذا المجلس هو سكوته عن قضية تصدير لحوم الخيل من هولندا إلى فرنسا على أنها لحوم أبقار مذبوحة وفق الشريعة الإسلامية، وحسب بعض المواقع الإسلامية، فقد سكت مجلس ال CFCM ردحا من الزمن وغض البصر على استيراد هذه اللحوم الغير شرعية إلى فرنسا وسمَحَ بوضعها في متناول المستهلكين المسلمين.
بعد هذه الفضيحة بفترة، بدا أن المجلس شعر بشيء من الندم، فحاول أن يستعيد مصداقيته ، فنشر وثيقة وجهها للجمعيات والمنظمات الإسلامية المنتمية إليه ، سماها ” ميثاق الحلال” وهي وثيقة تتكلم – من بين أمور أخرى – عن طرق المراقبة التي يجب أن تخضع لها اللحوم المذبوحة ، للتأكد من أنها تذبح على الطريقة الإسلامية… لكن الهيئات والمنظمات الإسلامية المعنية رفضت الموافقة على هذه الوثيقة ، مما أعطى مؤشرا واضحا على أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لا يمتلك أي مصداقية ولا أي وزن أو ثقة حتى من طرف الهيئات المنتمية إليه.
ولو كان مجلس الCFCM يسهر على مصالح المسلمين ، أو يضعها على الأقل في أولوياته، لكان ابتعث أعضاء من مؤسسته إلى هولندا للنظر في طريقة ذبح اللحوم ومراقبة عمل المجازر التي يتعامل معها هناك ويُطمئنَ المسلمين هنا في فرنسا على حِلّية اللحوم التي يستهلكونها ، لكن المجلس لم يفعل شيئا من ذلك …
وبما أن مجلس الCFCM ، هو المسؤول – أخلاقيا – عن تحسيس المسلمين وإعلامهم بكل ما يتعلق باستهلاك اللحوم الحلال، فقد عِيبَ عليه سكوته عن فضيحة أخرى تسمى فضيحة ” لحوم دجاج شركة ” دو Doux ” الشهيرة.
إنها فضيحة وضع ملصقاتlabels تثبت أن اللحم حلال بشهادة إحدى الجمعيات الإسلامية بمنطقة فينيستير Finistère، غربي فرنسا ، في حين أنه ليس كذلك.
بدأت الشرارة الأولى لظهور الفضيحة ، عندما بثت قناة ” كانال بلوس Canal +” الفرنسية تحقيقا مطولا عن مصادر اللحوم الحلال في فرنسا، وقد اختارت القناة تاريخ البث بكل عناية ودقة ، حيث بثته في اليوم الذي يسبق بداية شهر رمضان الكريم لسنة 2010. وأحدث التحقيق صدمة عنيفة وهزة راجفة لكل مسلمي فرنسا.
كشفت كاميرات قناة ” كانال بلوس” في هذا التحقيق أن الملصقات التي تشهد بالحلال على لحوم شركة ” دو Doux” هي ملصقات حُصِل عليها بطريقة غير قانونية.. وشهادتها بحلية اللحوم هي شهادة كاذبة، لأن الملصقات اشتُريتْ بالمال من بعض الجمعيات الإسلامية المرتزقة ، وألصقها عمال شركة ” دو” على الدجاج لإثبات حِلِّيته، في حين أن الدجاج نفسه ليس مذبوحا أصلا، وإنما خضع للقتل من خلال الصعق الكهربائي.
والخطير في الأمر أن لحوم دجاج شركة ” DOUX” تُصدّر للكثير من البلدان الإسلامية وخاصة إلى منطقة الشرق الأوسط ، وتُصدّر بالتحديد إلى بلاد الحرمين، و قد أظهر التقرير صورا لهذه اللحوم تباع في محلات تجارية كبيرة قرب المسجد الحرام في مكة .. وقد رأيت بعيني في بعض أسواق مكة هذا الدجاج ، ورأيت مكتوبا عليه علامة الشركة المصنعة ” شركةDoux ” ، ومكتوب عليه بالعربية والفرنسية أنه لحم حلال مذبوح في فرنسا حسب قواعد الشريعة الإسلامية.. رغم أن هذا الدجاج لم يُذبح بتاتا، بل صرّح أحد الخبراء في شركة “دو” لقناة ” كانال بلوس” أن ذبح الدجاج بالأيدي غير عملي وغير ممكن إطلاقا في المذابح المهنية التابعة لشركة “دو” ، وعليه فلا يمكن أن يكون اللحم حلالا ، لأنه لم يُذبح أصلا، وإنما يصعق بالكهرباء صعقا ،ثم يخضع لعملية تجميد صناعية ، ثم يُصدَّر بعد ذلك إلى الدول الإسلامية على أنه حلال، وخاصة إلى بلاد الحرمين.. هذا ما أكدته كاميرات تحقيق القناة المذكورة.